لا يخفى على أحد أن العديد من المؤثرين (Influencers) الذين نراهم اليوم في قمة الشهرة، ربما استخدموا تكتيك شراء المتابعين في مرحلة ما. هنا سنناقش كيف يمكن أن يساهم ذلك في بناء شهرة المؤثر، ولماذا يلجأ إليه البعض، مع أمثلة تخيلية قابلة للإسقاط على الواقع.
1. التغلب على “حاجز الصفر”
أكبر معضلة لأي شخص يود أن يصبح مؤثرًا هي أنه يبدأ من الصفر أو قريب الصفر. الجمهور يميل لمتابعة من يظنون أن لديه شعبية بالفعل. لذا عديد من المؤثرين الصاعدين اشتروا أول 5k أو 10k متابع لكسر هذا الحاجز النفسي.
كما قالت مدونة مشهورة بعد اعتزالها: “اعترف أني اشتريت 15 ألف متابع عندما كنت أملك 3000 فقط، فجأة انهالت عليّ فرص عروض أزياء ودعوات فعاليات لأنني تجاوزت 10 آلاف متابع.” – هذا مثال يوضح أن مجرد تخطي عتبة معينة فتح الباب أمامها.
شراء المتابعين صنع لها انطباعًا بأنها مؤثرة حقيقية في نظر الآخرين، فبدؤوا يعاملونها على هذا الأساس، ثم تحولت الفكرة إلى حقيقة مع الوقت (ظاهرة Self-fulfilling prophecy).
2. جذب وسائل الإعلام والرعاة
العلامات التجارية ووسائل الإعلام تبحث عن الوجوه الجديدة المؤثرة باستمرار. لكن لديهم معايير رقمية أولية مثلًا: “نريد من لديه 50k متابع على الأقل”. البعض وصل 30k طبيعيًا وظل عالقًا هناك، فقام بشراء 20k إضافية ليصل إلى 50k ويبدأ بالحصول على عروض.
بالفعل يُلاحظ أن الكثير من المؤثرين ذكروا أن أول صفقة إعلانية كبيرة لهم جاءت عندما كسروا حاجز معين من الجمهور. المتابعون المشترون قد لا يشاركوا مباشرة في التفاعل، لكنهم جعلوا المؤثر يبدو مؤهلًا للفرص.
3. حشد التأييد الجماهيري الحقيقي
بعض المؤثرين في البداية كان محتواهم جيد لكن لا ينتشر بسبب قلة الجمهور. حين اشتروا عددًا لا بأس به، زاد انتشار محتواهم تلقائيًا لأن إنستقرام بدأ يظهره لعدد أكبر (كما شرحنا عن الخوارزمية). ظهروا في الإكسبلور، فجلبوا متابعين حقيقيين بكثرة.
مثال: شابة تقدم نصائح تجميلية كانت تملك 800 متابع، قررت شراء 5000. خلال أشهر قليلة ومع نشاطها وجودة فيديوهاتها وصل العدد إلى 50 ألف (معظمهم حقيقيون جاؤوا عبر المحتوى المنتشر).
الآن أصبحت تفوّق الآخرين في مجالها الذين ربما كانوا أفضل منها لكن لم يحظوا بنفس الانتشار الأولي. هنا شراء المتابعين أعطاها دفعة في السباق نحو الشهرة وجعل خوارزمية إنستقرام تكافئها.
4. بناء الثقة للمتابع الجديد
عندما يصادف شخص عادي حسابًا جديدًا يفكر بمتابعته، قد ينظر للعدد. المؤثرون يعرفون ذلك. الكثير منهم قال صراحة: “حرصت أن يبدو حسابي نشيطًا بمتابعين كثيرين حتى يشعر الزائر أنه سيتابع شخصية ذات قيمة.” – هذا يعمل مثل جمهور التصفيق في البرامج التلفزيونية: الجمهور ينجذب للجمهور. فكلما زاد عدد متابعي المؤثر، ازداد فضول الآخرين لمتابعته أيضًا.
هذه الظاهرة تؤدي لنمو ذاتي. أحد المؤثرين التقنيين اعترف أنه اشترى 20% تقريبًا من إجمالي متابعيه على فترات متفرقة فقط للحفاظ على هذا النمو الذاتي مشتعلاً.
5. سرّ بين المؤثرين لا يُفصح عنه
طبعًا، قليل من المؤثرين من سيعترف علنًا أنه اشترى متابعين. لكن دراسات (مثل تحليل نسب التفاعل) تبيّن أن بعض الحسابات الضخمة لديها قدر من الجمهور الوهمي. لا نقول هذا انتقاصًا، بل لتوضيح أن هذا الأسلوب كان ولا يزال موجودًا في صناعة المؤثرين.
إن البعض يعتبره مثل شراء الإعلانات – جزء من التسويق الشخصي. وفي النهاية، بعد أن يكبر المؤثر بما فيه الكفاية، يصبح تأثير المتابعين المزوّرين ضئيلًا وسط مئات الآلاف الحقيقيين، لكنه كان جزءًا من الرحلة نحو القمة.
مثال ملهم
لنعطِ مثالاً: “أحمد”، صانع محتوى كوميدي على إنستقرام، كان يقدم مقاطع مضحكة بجودة عالية. وجد أن فيديوهاته حين تصل للناس يحصل على استحسان كبير، لكن المشكلة أنها لا تصل لعدد كبير أصلاً. قرر أحمد أن يجرب شراء 50 ألف متابع بشكل تدريجي خلال 6 أشهر. أصبح لديه 60 ألف متابع إجمالاً (10k أصلي + 50k مشتَرى). الآن كل فيديو ينشره يشاهده على الأقل 20-30 ألف شخص (لأن الحساب يظهر ضخماً وتروج له الخوارزمية قليلاً).
أحد فيديوهاته انتشر جدًا (فيروسيًا) ووصل لمليون مشاهدة وجلب وحده 100 ألف متابع جديد حقيقي! الآن أحمد لديه 160 ألف متابع جلّهم حقيقيون ويضحكون على محتواه. أصبح مؤثرًا فعليًا، يظهر في لقاءات، تعرض عليه إعلانات. يمكن القول أن الـ50 ألف الأوائل الذين اشتراها كانت مجرد سقالات بناء، أزالت لاحقًا عن واجهة المبنى لكنّها أدت الغرض في تشييده.
في المحصلة، شراء المتابعين ليس العصا السحرية لصناعة مؤثر ناجح، لكنه كثيرًا ما كان جزءًا من قصة نجاحهم. المهم أنه كان وسيلة لدعم المحتوى الجيد، وليس بديلاً عنه. المؤثر الذي لم يكن يقدم شيئًا مميزًا، حتى لو اشترى الملايين، لن يحتفظ بالجمهور.
أما من لديه الموهبة والذكاء الاجتماعي، فقد استخدم هذه الأداة ليعزز حضوره ثم جذب القلوب والعقول بمحتواه. وكما يقول المثل: “ساعد نفسك يُساعدك الله” – المؤثرون ساعدوا أنفسهم بشراء بعض الشعبية، فساعدهم الجمهور الحقيقي لاحقًا بالانتشار والشهرة.